السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهُ
كثر الحديث هذه الأيام عن الثقافة العراقية وسبل إصلاحها وفي الواقع لم يتم التركيز بشكل ملائم على القضية الأهم في الموضوع وهي إمكانية إصلاح الثقافة العراقية لأنه ليس من المجدي التكلم عن ثقافة غير قابلة للإصلاح لما في ذلك من هدر للوقت وتبديد للجهود فأي ثقافة هذه التي نستطيع إصلاحها ثقافة القمع وإلغاء الآخر أم ثقافة الذبح والسلخ والحرق والثقب والتقطيع والاغتصاب واللامبالاة والكذب والنفاق والغدر.. الخ ما الذي نستطيع أن نفعله لثقافة تمارس قيم الغاب أكثر من ان تمارس قيم الإنسان وهل نستطيع ان ندجن الضبع والذئب حتى نستطيع ان ندجن إنسانا يكره نفسه بقدر ما يكره الآخرين؟ إن ثقافة تغييب ضميرها ليس بالإمكان إصلاحها ولا تغييرها إلى الأفضل .
فالسؤال الأهم في الثقافة العراقية ليس في ان نعلم إن كانت ثقافتنا ايجابية أم سلبية بل أن نعرف إن كانت هناك إمكانية لإصلاح الثقافة العراقية بالاساس بعد أن بلغت هذه الثقافة تخومها النارية في هذا الوقت المضطرب وبعد ان ثبت بالدليل الملموس ان ما كنا نملكه سابقا ليس سوى قناع يخفي تحته الكثير من المهازل والتناقضات ولذلك ليس مسموحا العودة إلى الثقافة القناع ولا ان نقبل بها بأي شكل كان وهذا الأمر يتطلب تعبئة بمستوى هذا الامر تبدأ بالتشخيص الصادق والشفاف للمسألة الثقافية وتنتهي بتوصيف أفضل علاج لها والذي يتناسب مع حجم المرض وشدته فنحن في الواقع لا نمتلك مثل بقية شعوب العالم ثقافة تحرك الحياة نحو الأفضل ما يجعلها ثقافة مجدية بل ثقافة ساكنة تراوح في مكانها منذ أمد بعيد وهي تمثل عبئا ثقيلا على الحياة ذاتها لان معظم ما ينتابنا من كوارث ونكبات هو نتاج لذلك التراث الكبير من الأخطاء والانحرافات التي جرفتنا بعيدا عن تيار الحضارة الإنسانية حتى بتنا في أحط مكانة بين شعوب العالم وإلا كيف نفهم ما يجري في البلد في حالات عنف غير مسبوقة وعمليات تخريب لا نظير لها لا في الزمان ولا في المكان. أليس هذا هو ابلغ تعبير عن ثقافتنا لان الحضارة بحسب ـ شبنجلر ـ هي المصير المحتوم للثقافة ولذلك ليس صحيحا نكران ما يفعله البعض من جرائم وبشاعات واعتبارها أمرا غريبا لان الغريب أن لا نفهم ذلك ولا نعده نتاجا لموروثنا السيئ وثقافتنا البشعة أو المريضة ولان العقل هو نتاج الثقافة وهو موردها أيضا لذا ليس مناسبا أن نقوم بتشخيص علل العقل دون أن نشخص علل الثقافة لأننا حينها سوف نقع في ازدواج كبير وسوف نفشل في معالجة المشكلة التي نروم مواجهتها إذ لابد أن نشير أن فشل العقل هو في النهاية فشل للثقافة مثلما يصح العكس أيضا وبالتالي علينا أن ندرك هذه الحقيقة المرة وان نعاين مشهدها بشكل جلي لكي يكون بمقدورنا اتخاذ المناسب بشأنها ولذلك نحن بحاجة إلى وعي انتلجنسي بمستوى المشكلة لا مجرد تهويمات ببغائية وأطروحات ملها التكرار عن أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ومؤامرات أو أخطاء أو ما شاكل لان المسالة أعمق من ذلك بكثير. أنها مشكلة الثقافة ذاتها بكل ينابيعها ومصادرها بدءاً من الدين والمعايير القيمية الاجتماعية وانتهاء بالسلوك السياسي والثقافي لأنه لو كانت هناك أية إمكانية لإصلاح ثقافي لحصل الأمر منذ زمن بعيد أو حتى خلال عصر النهضة وما بعده ولامكن اعتماد الحلول الموضعية التي حاول النهضويون طرحها على الواقع الثقافي ولعل مشكلتنا في الواقع ابعد ما تكون عن مجرد تقليد أو تقيد بنموذج ما سواء كان هذا النموذج غربيا أو شرقيا كما يطرح محمد عابد الجابري لان التقيد بحد ذاته لا يمكن أن يولد ثقافة سيئة ما لم يكن قد تم بموروث سيئ بالأساس ولذلك لا مجال لتشبيه التقيد بالموروث القديم بما تفعله الشعوب المعاصرة من استلهام لقيم الحداثة ومفاهيمها الحديثة لان أي تشبيه بينهما هو اساءة بالغة لاسس الحضارة الانسانية وإجحاف كبير لمفهوم التطور فما نواجهه لا يعدو أن يكون شكلا من أشكال العبودية ولكن بثوب ثقافي، عبودية لها هوية واضحة هي هوية الانجذاب إلى الماضي والى السلف الصالح لا الطالح المتمثل بالغرب (الكافر!) أو(السفيه!) مما جعل ثقافتنا ذات نمط اجتراري تشبه إلى حد بعيد الدوامة التي تدور في مكان واحد ولذلك يجب أن يكون لنا موقف جريء وقوي من هذه الثقافة الفاشلة لكي نستطيع مواجهة المشكلة بكل اقتدار وعلينا أن نمارس نقدا صريحا لها ولبناها من اجل احداث تغيير جذري في نسقها يساعد على تخليص واقعنا من الانحراف الذي يعانيه عندها يمكننا أن ننجح
-------------------------------------------------------------
امبراطور الحصريات brhom
كثر الحديث هذه الأيام عن الثقافة العراقية وسبل إصلاحها وفي الواقع لم يتم التركيز بشكل ملائم على القضية الأهم في الموضوع وهي إمكانية إصلاح الثقافة العراقية لأنه ليس من المجدي التكلم عن ثقافة غير قابلة للإصلاح لما في ذلك من هدر للوقت وتبديد للجهود فأي ثقافة هذه التي نستطيع إصلاحها ثقافة القمع وإلغاء الآخر أم ثقافة الذبح والسلخ والحرق والثقب والتقطيع والاغتصاب واللامبالاة والكذب والنفاق والغدر.. الخ ما الذي نستطيع أن نفعله لثقافة تمارس قيم الغاب أكثر من ان تمارس قيم الإنسان وهل نستطيع ان ندجن الضبع والذئب حتى نستطيع ان ندجن إنسانا يكره نفسه بقدر ما يكره الآخرين؟ إن ثقافة تغييب ضميرها ليس بالإمكان إصلاحها ولا تغييرها إلى الأفضل .
فالسؤال الأهم في الثقافة العراقية ليس في ان نعلم إن كانت ثقافتنا ايجابية أم سلبية بل أن نعرف إن كانت هناك إمكانية لإصلاح الثقافة العراقية بالاساس بعد أن بلغت هذه الثقافة تخومها النارية في هذا الوقت المضطرب وبعد ان ثبت بالدليل الملموس ان ما كنا نملكه سابقا ليس سوى قناع يخفي تحته الكثير من المهازل والتناقضات ولذلك ليس مسموحا العودة إلى الثقافة القناع ولا ان نقبل بها بأي شكل كان وهذا الأمر يتطلب تعبئة بمستوى هذا الامر تبدأ بالتشخيص الصادق والشفاف للمسألة الثقافية وتنتهي بتوصيف أفضل علاج لها والذي يتناسب مع حجم المرض وشدته فنحن في الواقع لا نمتلك مثل بقية شعوب العالم ثقافة تحرك الحياة نحو الأفضل ما يجعلها ثقافة مجدية بل ثقافة ساكنة تراوح في مكانها منذ أمد بعيد وهي تمثل عبئا ثقيلا على الحياة ذاتها لان معظم ما ينتابنا من كوارث ونكبات هو نتاج لذلك التراث الكبير من الأخطاء والانحرافات التي جرفتنا بعيدا عن تيار الحضارة الإنسانية حتى بتنا في أحط مكانة بين شعوب العالم وإلا كيف نفهم ما يجري في البلد في حالات عنف غير مسبوقة وعمليات تخريب لا نظير لها لا في الزمان ولا في المكان. أليس هذا هو ابلغ تعبير عن ثقافتنا لان الحضارة بحسب ـ شبنجلر ـ هي المصير المحتوم للثقافة ولذلك ليس صحيحا نكران ما يفعله البعض من جرائم وبشاعات واعتبارها أمرا غريبا لان الغريب أن لا نفهم ذلك ولا نعده نتاجا لموروثنا السيئ وثقافتنا البشعة أو المريضة ولان العقل هو نتاج الثقافة وهو موردها أيضا لذا ليس مناسبا أن نقوم بتشخيص علل العقل دون أن نشخص علل الثقافة لأننا حينها سوف نقع في ازدواج كبير وسوف نفشل في معالجة المشكلة التي نروم مواجهتها إذ لابد أن نشير أن فشل العقل هو في النهاية فشل للثقافة مثلما يصح العكس أيضا وبالتالي علينا أن ندرك هذه الحقيقة المرة وان نعاين مشهدها بشكل جلي لكي يكون بمقدورنا اتخاذ المناسب بشأنها ولذلك نحن بحاجة إلى وعي انتلجنسي بمستوى المشكلة لا مجرد تهويمات ببغائية وأطروحات ملها التكرار عن أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ومؤامرات أو أخطاء أو ما شاكل لان المسالة أعمق من ذلك بكثير. أنها مشكلة الثقافة ذاتها بكل ينابيعها ومصادرها بدءاً من الدين والمعايير القيمية الاجتماعية وانتهاء بالسلوك السياسي والثقافي لأنه لو كانت هناك أية إمكانية لإصلاح ثقافي لحصل الأمر منذ زمن بعيد أو حتى خلال عصر النهضة وما بعده ولامكن اعتماد الحلول الموضعية التي حاول النهضويون طرحها على الواقع الثقافي ولعل مشكلتنا في الواقع ابعد ما تكون عن مجرد تقليد أو تقيد بنموذج ما سواء كان هذا النموذج غربيا أو شرقيا كما يطرح محمد عابد الجابري لان التقيد بحد ذاته لا يمكن أن يولد ثقافة سيئة ما لم يكن قد تم بموروث سيئ بالأساس ولذلك لا مجال لتشبيه التقيد بالموروث القديم بما تفعله الشعوب المعاصرة من استلهام لقيم الحداثة ومفاهيمها الحديثة لان أي تشبيه بينهما هو اساءة بالغة لاسس الحضارة الانسانية وإجحاف كبير لمفهوم التطور فما نواجهه لا يعدو أن يكون شكلا من أشكال العبودية ولكن بثوب ثقافي، عبودية لها هوية واضحة هي هوية الانجذاب إلى الماضي والى السلف الصالح لا الطالح المتمثل بالغرب (الكافر!) أو(السفيه!) مما جعل ثقافتنا ذات نمط اجتراري تشبه إلى حد بعيد الدوامة التي تدور في مكان واحد ولذلك يجب أن يكون لنا موقف جريء وقوي من هذه الثقافة الفاشلة لكي نستطيع مواجهة المشكلة بكل اقتدار وعلينا أن نمارس نقدا صريحا لها ولبناها من اجل احداث تغيير جذري في نسقها يساعد على تخليص واقعنا من الانحراف الذي يعانيه عندها يمكننا أن ننجح
-------------------------------------------------------------
امبراطور الحصريات brhom